د. جهاد أب محفوظ
اول كلمات سطرتها للوطن قبل 30 عام
******************
دَلال المَغربي
*********
مَرُّوا بِجَنازَتِها أمَامي
في صَمْتٍ وسُكُونْ
شِفاٌ مُبْتسِمَة
مُرْتَسِمَةٌ بالأَحْذاق
نَظرْتُ إليْهِمْ باسٍْتِنْكارٍ وألَم
تَساءَلْتُ بذُهُول
أفِي جَنازَةٍ تَبْتَسِمون
قالُوا نَعَمْ
فَهيَ شَهيدَةُ الوَطَن
وَوَصِيَّتُها
أنْ تُدْفَنَ جَنازَتُها بِعُرْس
وأنْ يُكْتَبَ فَوْقَ قَبْرِها كَلِمَتان
دَلال المَغْربي فَلسْطينيَة
فلسْطين
كَلمَةٌ ماتَتْ عَلى شَفَتي
مُنذُ زَمَنٍ بَعِيد
وَعادَتِ الآنَ لِلْْحَياة
تَذكَّرْتُ البُسْتانَ والبُرْتُقال
أخْتي هُناكَ ماتَتْ
أبي هُناكَ اغْتيلَ برَصاصِهِمْ
تَساءَلْتُ مَنْ أنا
لاجِئٌ في مُخَيَّم
عُصْفُورٌ في قَفَص
عُدْتُ لِخَيْمَتي السَّوْداءِ
والألَمُ يَعْصِفُ بي
اسْتَوْقَفَني طِْفلي الصَّغير
مُتَسائِلاً أبي مَتى نَعود
بَكَيْتُ مِنَ الألَم
دَمْعةٌ تَتَدَحْرَجُ عَلى وَجْنَتي طِفْلي
حَمَلْتُ طِفْلي
رَكَضْتُ لخَيْمَتي السَّوْداء
أخْرَجْتُ البُنْدُقِيَّة
ابْتِسَامَةٌ
تَرتَسِمُ عَلى شِفاهِ طِفْلي
صَرَختُ وَإِيَّاه
عائِدٌ عَائِدٌ يافَلسْطين
**أطفال الأرْبِي جِي **
طِفْلٌ صَغيرٌ يَحْمِلُ بُنْدُقِيَّة
رَصاصَةٌ تَسْتَقِرُّ في صَدْرِه
آخِرُ كَلِماتِهِ يَنْطِقُها
وهُوَ علَى حِجْرِ أمِّه
أُمَّاهُ ابَْتسِمي
فَيَكْفي أنْ تَبْكيني السَّماء
مَطَرٌ مُتَساقِط ، دُمُوعٌ مُنْهَمِرَة
خيمة سوداء تعصف بها الرياح
امْرأَةٌ تَبْكي ، طِفْلٌ يَصْرُخ
رَجُلٌ يَحْمِلُ جَوازَ سَفَر
مَْكتوبٌ عَليْهِ لاجِئ
عَجوزٌ فَلسطينيٌّ يُصْغي لِلإذاعَة
لَعَلَّهُ يَسْمعُ عادتْ فَلسطين
أبي يَنْظُرُ إلَيَّ بِصَمْت
نَظَراتُهُ فيِها مَعانٍ كَثيرَة
أَوَّلُها مَتى نَعُود
وآخِرُها مَتى نَعُود
قامَ أبي تَوَكَّأَ عَلى عُكَّازِه
أَخْرَجَ بُنْدُقِية
أَعْطاها لِأخِي
وَضَعَها على كَتِفِه
عَانَقَني مُوَدِّعا
سَأَلْتُهُ مَتى تَعود
قالَ لَنْ أعود
غابَ يَوْمَيْنِ وَعَاد
عادَ في كَفَنٍ أَبْيَض
كَشَعْرِ رَأْسِ أبي
بِجِوارِهِ في الكَفَن
غُصْنُ زَيْتونٍ وَبُنْدُقِية
وَعلَى رَأْسِهِ يَضَعُ عُصْبَةً حَمْراء
تَناوَلَها أبي بِصَمْت
نَاوَلها لي
فَصِرْتُ على نَفْسِ دَرْبِ أخي
حامِلاً وَصِيَّةَ أبي وَدَعْوَتَه
يابُنَيّ
أَدْرِكِ البُرْتُقالَ لَقَدْ أصْبَحَ حَامِضا
ذَلِّلِ الصُّعُوبات ، اقْتُلِ الأَعْداء
مُتْ يابُنَيّ
لكنْ لا تَعُدْ إلا مُبَشِّرا
عادتْ فَلسطين
عادتْ فَلسطين
****************
بقلم رئيس المجليس
الشريف د. جهاد أب محفوظ